القائمة الرئيسية

الصفحات

عقبة بن الحجاج 116-123هـ:

اختار عبيد الله بن الحبحاب لولاية الأندلس مجاهدًا فذًّا يُسَمَّى عقبة بن الحجَّاج السلولي -رحمه الله، الذي تولَّى من سنة 116هـ - 734م إلى سنة 123هـ - 741م. 

وقد خُيِّر عقبة بين إمارة إفريقية بكاملها كل الشمال الإفريقي وبين إمارة الأندلس، ففَضَّلَ إمارة الأندلس؛ لأنَّها أرض جهاد؛ لملاصقتها لبلاد النصارى. قال ابن عذاري: «أقام عقبة بالأندلس بأحسن سيرة وأجملها، وأعظم طريقة وأعدلها». وقال المقَّرِي: «وَوَليَ عقبة بن الحجاج السَّلُولي من قِبَل عبيد الله بن الحبحاب، فأقام خمس سنين محمودَ السيرة، مجاهدًا مظفَّرًا».

فتوحاته

وقد قام عقبة بن الحجاج -رحمه الله- خلال سنوات إمارته السبع بأكثر من سبع حملات داخل فرنسا، وكان ينزل إلى الأسرى بنفسه يُعَلِّمهم الإسلام؛ حتى إنه أسلم على يديه ألف من الأسرى، وقد قال رسول الله : «لأَنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». فكيف بألفٍ؟!

بدأ عقبة بن الحجاج -رحمه الله- يُعيد أمجاد الجهاد الإسلامي في بلاد فرنسا، فثبَّت أقدام المسلمين في بروفانس -جنوب شرقي فرنسا، وأقام فيها الرباطات، واستولى عقبة على بلاد الدوفينيه -شرقي ليون، وفتح مدينة سان بول، وفتح --رحمه الله- مدينة أرْبُونَة عاصمة مقاطعة سبتمانيا، وقرقشونة إحدى مدنها، واتسعت فتوحات المسلمين حتى وصلت إلى مقاطعة بيدمونت بشمال إيطاليا. 

وواصل عقبة جهاده لإقرار الفتح في المدن الأندلسية لا سيما في الشمال الغربي في أرض جيليقية، التي لم تكن فُتحت حتى الآن، وبلغ في ذلك غاية ما يستطيع، إلاَّ أنه واجه -والحق يقال- بسالة نادرة، حتى ليروي صاحب «أخبار مجموعة» أنه «لم تبقَ في جيليقية قرية لم تُفتح غير الصخرة، فإنه لاذ بها ملك يقال له: بِلاي، فدخلها في ثلاثمائة رجل، فلم يزل يقاتلونه ويغاورونه حتى مات أصحابه جوعًا، وترامت طائفة منهم إلى الطاعة، فلم يزالوا ينقصون حتى بقي في ثلاثين رجلاً ليست معهم عُشْر نَسوه فيما يقال، إنما كان عيشهم بالعسل، ولاذوا بالصخرة فلم يزالوا يتقوتون بالعسل معهم جِبَاح النحل عندهم في خروق الصخرة. وأعيا المسلمين أمرُهم، فتركوهم وقالوا: ثلاثون عِلْجًا ما عسى أن يكون أمرهم، واحتقروهم، ثم بلغ أمرهم إلى أمر عظيم. 

ولايته

خلال ولايته، شن عقبة حملات سنوية على المناطق الشمالية، فسيطر على جليقية وبنبلونة وأسكنها المسلمين. ولم يبق بجليقية سوى الصخرة التي اجتمع عندها 300 رجل على رجل منهم يدعى بلاي، حاصرهم المسلمون وضيّقوا عليهم حتى لم قلّ عددهم إلى الثلاثين، ولم يجدوا ما يقتاتون به سوى عسل الجبال، فانصرفوا عنهم احتقارًا لشأنهم.

كما غزا بلاد الإفرنج، بعد أن ثبَّت أقدام المسلمين في بروفنس، وأقام فيها الحاميات وحشدها بالمقاتلة، حتى بلغت سكنى المسلمين أربونة. ثم سار بجيوشه فاستولى على دوفينيه، دمر مدينة سان بول [الإنجليزية] واحتل فالينس وفيين، وأعاد افتتاح ليون واتخذها قاعدة لمهاجمة بورغونية، حتى بلغت إلى بيدمونت بشمال إيطاليا. فحشد كارل مارتل الجيوش لمقاومته، فحاصر أفينيون وانتزعها من المسلمين، ثم هاجم أربونة وحاصرها وخرب أجزاء كثيرة منها دون أن يستطيع انتزاعها من المسلمين، فثارت ثائرة عقبة، فحشد جيشه وحصن أربونة وعمرها بالمجاهدين، ثم أعاد فتح بروفانس ودوفينيه وليون، وبلغت جيوشه جنوة وبورغونية وجبال الڤوسچ في شمال شرق فرنسا.

وقد ظل عقبة في ولايته إلى صفر عام 123 هـ، حينما خلعه عبد الملك بن قطن مستغلاً ثورة البربر بقيادة ميسرة المطغري على الأمويين في المغرب، وانقطاع صلة عقبة مع دولته. يعتبر عقبة بن الحجاج السلولي أخر القادة الفاتحين للجنوب الفرنسي آخر الولاة الأقوياء في الاندلس.

شخصيته 

قال عنه ابن عذارى: «أقام عقبة بالأندلس بأحسن سيرة وأجملها، وأعظم طريقة وأعدلها». وروى أنه كان يعرض الإسلام على الأسرى، فأسلم على يديه ألف أسير. وقد وصفه المقري بأنه: «كان محمودَ السيرة، مجاهدًا مظفَّرًا». 

وفاته

ولقد ظلَّ عقبة بن الحجاج -رحمه الله- مجاهدًا حسن السيرة بين جنده إلى أن استشهد سنة 123هـ - 741م ، وباستشهاده تكون قد انتهت الفترة الأولى من عهد الولاة.


أنت الان في اول موضوع

تعليقات